''الخبر'' تنزل ضيفة على عمارة الحاج لخضر بوخرص: لن أخرج من عباءة الحاج لخضر التقيناه بعيدا عن حركة الأستوديو ووهج الأضواء، في جلسة مسائية لم تخل فيها روح مضيفنا من الفكاهة والدعابة، فتسللنا إلى أرشيف الذكريات، واسترجعنا وإياه صدى أولى الخطوات في عالم الفن، كانت رحلة خفيفة الظل قطعنا فيها المسافة ما بين مدينة برج بوعريريج، وصولا إلى عمارة ''الحاج لخضر'' بالعاصمة.
''هذا المكان أصبح جزء من يومياتي، والفضاء الذي أقضي فيه جل أوقاتي. لهذا اخترته لاستقبالكم لأنه بالفعل بيتي الذي أصبحت بيني وبينه علاقة حميمية''. بهذه الكلمات استقبلني الممثل لخضر بوخرص عند مدخل عمارة ''الحاج لخضر'' بزرالدة.
الحاج لخضر جزء من شخصية بوخرص
جلسنا وسط ديكور أنيق، مع مضيفنا وهو يرتدي بذلة كلاسيكية، متخليا بذلك عن ''شاشه'' الذي لازمه منذ أن اختار الظهور بشخصية الحاج لخضر على الشاشة الصغيرة، وهي الشخصية التي أكد بوخرص أنها أضحت لصيقة به، ولن يتخلى عنها بأي حال من الأحوال.
يقول لخضر بوخرص مستحضرا طفولته: ''تحملت المسؤولية باكرا عقب وفاة والدي، فأنا بكر العائلة، تعدادها عشرة أفراد، توفي معيلها تاركا أصغر أبنائه في سن الخامسة، فأخذت على عاتقي تربية إخوتي ومتابعة أمور دراستهم. وهذا الأمر لم يكن هينا بالنسبة إلى شاب في مقتبل العمر، غير أني كنت على قدر المسؤولية، وأوصلتهم إلى بر الأمان، خاصة وأني ارتحت بعد أن زوجت أخواتي البنات''.
يتوقّف للحظة ثم يواصل'' صديقني وأنا أرتدي عباءة ''الحاج لخضر'' التي لن أتخلى عنها، أشعر أنني أقدم جزء من شخصيتي الحقيقية على الشاشة، فأنا لعبت دور الأب ورب العائلة الذي يؤمن احتياجات أسرته ويسهر على راحتها لسنوات، رغم أنني غير متزوج.. ربما يثير هذا استغرابك، لكن هذه هي الحقيقة، لم أفكر إلى اليوم في تأسيس عائلة والاستقرار، فالمسؤولية أنستني نفسي''.
من برج بوعريريج إلى العاصمة
يتذكر بوخرص بالكثير من الحنين والشوق سنوات الطفولة وشقاوة الصبا، تحت كنف جدته لأبيه في عاصمة البيبان'' نشأت في بيت جدي حتى بلوغي سن العشرين، فعائلتي الصغيرة سكنت العاصمة. ولم يكن رحيلنا هينا بالنسبة إلى جدتي، ولا بالنسبة إلى أبي، بكر العائلة، وبما أنني كنت أكبر أبنائه أيضا والمحبب عند جدتي، تركني لتتولى هي تربيتي، وتخفف بي وطأة فراق والدي.
..لا يمكن أن أنسى تلك السنوات، كانت الأجمل في حياتي، جدتي أرملة الشهيد، كانت تخفي وراء حزمها قلبا كبيرا، فهي كانت أساس البيت، أخذت على عاتقها تربية أبنائها وهي التي ترملت في سن مبكرة''.
يتوقف ليرد على الهاتف ثم يواصل ''آه.. حتى سنوات دراستي كانت في برج بوعريريج إلى السنة النهائية، وأؤكد أنني كنت تلميذا مجتهدا.. يضحك.. بالفعل فقد كنت مشروع طبيب، خاصة وأني كنت في شعبة علوم الطبيعة والحياة، في المرحلة التي بدأ فيها تعريب التعليم، وكنت محظوظا أنني درست بالفرنسية والعربية في نفس الوقت، لكن إخفاقي في اجتياز عقبة شهادة البكالوريا حال دون تحقيق حلمي، خاصة وأنني قررت عدم إعادة الامتحان رغم إلحاح العائلة، وأنا لم أندم أبدا على تلك الخطوة، فالقدر سطر لي دربا آخر كان عليّ اجتيازه.
من طفراوي إلى فرقة ''الموجة''
يضحك لخضر وهو يعود بذاكرته إلى خطواته الأولى في عالم الفن، ''روح الفكاهة لازمتني منذ سني المبكرة، فالكوميديا هي أكسيجين حياتي.. سأروي لك حادثة عشتها وأنا في سن ,13 كنت وقتها تلميذا في المتوسطة، ووفد إلى مدرستنا أستاذ جديد من سوريا، كان أستاذا حازما سريع الغضب، لم يسلم التلاميذ من عصاه، ولأني كنت تلميذا مشاغبا كثير الحركة والثرثرة كنت هدفه الأول.
..أتذكر أنه نادني في أحد الأيام وصفعني من دون أي سبب، ولأني كنت أعرف أنه وضعني نصب عينيه، ولن يتركني لحالي طول السنة، اهتديت إلى خطة، تصنعت السقوط أرضا بمجرد أن صفعني وجعلته يظن أنني مصاب بالصرع، والخطة أتت أكلها، فالأستاذ عاش حالة من الرعب جعلتني بمنأى عن عصاه طول السنة''.
يضحك لخضر مطولا ويواصل ''أتعلمين أيضا أنني جربت عدة مهن قبل أن أستقر على التمثيل، فقد اجتزت امتحان القبول لدخول مدرسة طفراوي للطيران، غير أني عدلت عن الفكرة رغم أنني اجتزت امتحان القبول بنجاح، ثم فكرت في ركوب البحر فاشتغلت لمدة 7 أشهر في الميناء كبحار ثم توقف أيضا، قبل أن أسس فرقة ''الموجة'' المسرحية للهواة كانت تنشط في الرغاية حيث تقطن عائلتي، وهذا بعد استقراري في العاصمة''.
ولأن اسمه الفني ارتبط لسنوات بالفنان الفكاهي حميد عاشوري، حيث قدما سويا أنجح السلسلات الفكاهية التلفزيونية، عاد لخضر بوخرص إلى ظروف نشأة هذا الثنائي:'' تعرفت على حميد عاشوري سنة 1984 في المخيم الصيفي للدواودة البحرية حيث كنت أقدم عروضا فكاهية للأطفال المصطافين، وكذلك كان يفعل حميد عاشوري، وشاءت الصدفة أن تكون خيمتي بجوار خيمة حميد عاشوري، وفي أحد الأيام اقتنى عاشوري مذياعا من الحجم الكبير، واقترح علي أن يتقاسم معي إحدى مكبرات الصوت، ومن هنا توطدت علاقة الصداقة بيننا، وأصبحنا لا ننفصل''.
كرنفال في دشرة كان مشروع سلسلة فكاهية
تابعو في الرد التالي وشكرا