ناس الغيوان
مقدم الحلقة: حسين صالح
ضيوف الحلقة:
- حسن نجمي/ ناقد وشاعر
- عمر السيد/ أحد مؤسسي ناس الغيوان
- موليم العروسي/ ناقد جماليات
- أحمد فؤاد نجم/ شاعر مصري
تاريخ الحلقة: 11/1/2007
- الثورة الأصيلة والتجديد في الموسيقى العربية
- بين الوعي الفني الإنساني والوعي الأيديولوجي
الثورة الأصيلة والتجديد في الموسيقى العربية
عمر السيد - أحد مؤسسي ناس الغيوان: لم نكن نتوقع لا النجاح ولا.. صراحة إحنا غير غاليين وحال الواحد مثل نقول له الواد.. الواد ممكن يكون غالي مثلما شفت لكن لا يلتفت الواد إحنا نفس الحال كل واحد يغني اللي يعجبه يشتري يسمعنا واللي لا يعجبه راح تلاقيه.. إحنا بحال واحد مثلما شفت كان وراءه نغني وما عرفناش أنت راضي عن هذه الأغنية ولا.
حسن نجمي - ناقد وشاعر: مجموعة ناس الغيوان هي أحد عناوين المغرب الثقافي والفني، ناس الغيوان لم يكونوا ظاهرة غنائية بل كانوا مختبر للغناء الذي صنع التاريخ وخرج من رحم التاريخ وقد ظلمنا الأخوة المشارقة عندما لم يعطوا الاعتبار اللائق لناس الغيوان ظلموا ناس الغيوان لأن هذه التجربة الغنائية لم تكن ملكية مغربية ولا ماركة مغربية مسجلة لقد كانت إنتاج عربي عميق أساسي كان ينبغي الانتباه إليه وما زال الوقت ممكن للانتباه إليه.
موليم العروسي - ناقد جماليات: ده كان للناس الغيوان يعني أحسوا بضرورة قول شيء ما وقالوه بمعنى أنه لم يقصدوا شيء إلا أنهم يغنون ماذا حدث بفضل هذا الغناء؟ ما الذي حدث على الساحة الثقافية المغربية أو العربية؟ حدث فعلا على أنه غيّروا علاقة الأذن العربية بالموسيقى بصفة نهائية ودائما أنا أشبههم بصدمة الجاز بالنسبة للأذن الغربية كيف أن الجاز غير تماما الغرب يقول ليس هناك فقط هذا الذي تسمعه بل هناك أشياء أخرى جديدة ولهذا أقول إنه لهذا الشيء الكثير اللي قام به ناس الغيوان هناك جحود تاريخي في حقهم وربما هذا البرنامج هو لإعادة الاعتبار.
حسين صالح: في أواخر الستينات ومطلع السبعينات كانت هناك ثورة لدى الشباب أخذت الثورة هذه شكل الاحتجاج الكاسح والرغبة في تهشيم ما جُبل عليه وعاش بموجبه جيل الآباء، انطلقت ثورة الطلاب في أوروبا ومثلها ثورات في أصقاع العالم الثالث، عرفت مصر احتجاجات الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم وصارت في جموع الشباب حيثما شئت ذات الرغبة في الانقضاض على السائد والمألوف، في الموسيقى والغناء ما عاد عبد الحليم حافظ كافي للتعبير عن جموح الشباب تطلعنا إلى البيتلز والرولن والبوب وثورة السوربون وثورة الصين الثقافية فاجأنا المغرب بفرقة أتاحت للشباب أن يرقصوا ويلووا خصورهم ويطلقوا شعورهم دون البوب والبيتلز ولكن بالإحالة إلى الأصول والتراث بل إلى الأغاني الصوفية والمناقب النبوية وأنّات البائسين، باختصار أحدث ناس الغيوان الحدث لنشاهد الشباب في حالة تشبه الروك آند رول ولكن على إيقاع مغرق في مغربيته وبأشعار سيدي عبد الرحمن المجذوب والشيخ الغرابلي وابن الموقت المراكشي لتتلوَّى الخصور على يا لطف الله الخافي.
حسين صالح: ما الذي جعل صوفية المغرب ووجدانه يذخران بكل هذا الرقص والغناء؟
موليم العروسي: الطرق هي في التصوف هناك الجانب العالِم الذي يتحدث عن الكتب والأصول وابن عربي وكذا وهناك جانب شعبي والجانب الشعبي مبني أساسا على الموسيقى في مواسم سنوية ترتبط بأولياء صالحين لكن ممارساتها هي ممارسات لا تعجب كثيرا السلطة السنية الدغمائية الدينية هذا الجانب الثاني الجانب الثالث هو تنوع المغرب لأن جغرافيا المغرب ممتد تقريبا على ما يقارب ثلاث آلاف كيلومتر على البحر وهذا الامتداد اللي هو امتداد تاريخيا كان يمتد إلى ما بعد السنغال يحتل ساحل العاج ربما وإلى جزر رأس الأخضر وهذه كلها غنى غريب أضف إلى ذلك كل ما جاء من الشرق أيضا وكل ما نزل من الأندلس من أوروبا في التبادل بحيث أنه حدثت لي مرة حادثة جميلة جدا كنت في مدينة صغيرة يمكن تعرفها معروفة بايون قرب بياريتس في جنوب فرنسا في على المحيط الأطلسي وكانت عندي حفلة وسمعت موسيقى تشبه كثير موسيقى عيساوا عندنا في المغرب فسألت على الآلة هي آلة نفخ فقال لي اسمها الغيطا وهي اسمها هنا في المغرب الغيطا تشوف هذا التداخل هذه كلها تداخلات وغنى غريب بعد قليل كنا نتكلم عن شعب يعبر بالكلمة وشعب يعبر بالموسيقى فممكن إذا أمكن أن نحدد ما هو المغرب في عمقه نحدده كما تفضلت بالموسيقى أكثر من أي شيء آخر.
"
ناس الغيوان استثمروا المرجعية الغنائية الدينية في عدد من أغانيهم كذكر اسم الجلالة وذكر الرسول والتغني بالمناقب النبوية
"
حسن نجمي
حسن نجمي: طبعا ناس الغيوان استثمروا المرجعية الغنائية الدينية في عدد من أغانيهم هناك حضور لهذه المرجعية ليس فقط على المستوى الشعري ذكر اسم الجلالة ذكر الرسول والتغني بالمناقب النبوية إلى آخره في أكثر من أغنية لدى ناس الغيوان وهو استثمار لهذه المرجعية الموجودة في النسق الموسيقي والغنائي المغربي ككل ونحن نعرف أن المغرب تميز عبر تاريخه الموسيقي بحضور للمرجعية الدينية للخطاب الديني في الموشحات ما يسمى بالغناء أو الموسيقى الأندلسية وفي فن السمع وهي أناشيد وابتهالات دينية في الغالب تؤدى دون آلات موسيقية لكنها تعتمد أشعار كتبها متصوفة أو شعراء من الغرب الإسلامي في مدح الرسول والتغني بالمناقب الدينية وبكرامات المولوية المتعددة وتعود جذور هذا الغناء وهذا الشعر الديني في المغرب إلى العصر الماريني القرن الخامس عشر، ناس الغيوان أيضا لم يقدموا هذه الأغاني ذات الطبيعة الدينية انطلاقا من مرجعية أصولية معينة بالمعنى السياسي أو بالمعنى الديني الشائع وإنما يعبروا من خلال هذه الأغاني عن بُعد من أبعاد التمثل الشعبي للتراث الغنائي والموسيقي المغربي.
حسين صالح: التف الشباب والحرافيش حول الغيوان ووجدوا أنفسهم ممثلين تمثيلا صادقا وتاما، اكتملت عندهم عدة الثورة الأصيلة وآلتها وضع الغيوان التغريب في أزمة بل ألحقوا بالتغريب هزيمة أسدوا يد بيضاء للأصالة بنفورهم من الغريب الطارق وجعلوا البائس المسحوق في مدن الصفيح بطل أغنية ترفّعوا عن الفعل السياسي المباشر وانحازوا لمسحوقين غنوا للشمس والشجر والحجر وحوض النعناع وغنوا حتى لصينية الشاي.
[مقطوعة غنائية]
يا ندامتي ما لكأسي حزين ما بين الكيسان، يا ندامتي ما لكأسي تائه يئن زاد قوى على الأحزان؟ ما لكأسي باكي لوحده؟ ما لكأسي يا وعده هذا نكده غاب سعده؟ آه يا الصينية، يا اللي ما شفتوني ارحموا عليَّ وأنا أراني مشيت والهول داني، والدي وأحبابي ما فرطوا فيَّ، تا نعيط لشيخي لا تضق بي، أنا يا أليفتي أين نبغي نجيئك؟ وإذا جئتك عزيني يجعل ذنب الدنيا عليك أنت التي فارقتني، تا نعيط لشيخي لا تضق بي وأنا أراني مشيت والهول داني والدي وأحبائي ما فرطوا في بحر الغيوان ما دخلته عمدا.
حسن نجمي: وهناك انحياز في الأغنية الغيوانية لكنه انحياز موضوعي انحياز يصدر عن شبيبة مغربية خرجت من رحم المعاناة والمحنة والعذاب والألم عايشت الانهيارات الاجتماعية والاقتصادية جربت الحاجة جربت الجوع عاشوا في مدن الصفيح وعلى مقربة من سكان مدن الصفيح في الأحياء الهامشية في الدار البيضاء، فما صدر عنهم وما يصدر عنهم في هذه الأغاني لم يكن مطلقا بصادر عن حساب معين ماذا سأربح وماذا سأخسر كما يفعلوا المحترفون السياسيون هم ينحازون للذين لا صوت لهم واستطاعوا فعلا أن يكونوا صوتا لمَن لا صوت له.
حسين صالح: لنقف وقفة أخرى مع التجديد الذي أحدثوه في الغناء العربي، الغيوان أول تجديد مهم منذ السيد درويش الممتد في عبد الوهاب لكن الشعلة خبت أو انطفأت تقريبا لدى عبد الحليم حافظ، جاء الحل مغربيا لنقف عند كلمة الحل.
ـــ ــــ ــــ يتبع ــ ــ ــ